قصص سيد كورونا تتهكم على مرارات الواقع

في المجموعة القصصية “سيد كورونا” (دار العين) جاء الزمن في بعض القصص دائرياً وكان في أخرى خطياً، كما حضر ببعده النفسي وبخاصة في ما يتعلق بالنوستالجيا التي لا تكاد تفارق أبطال القصص، هرباً من واقع قبيح إلى ما يطلق عليه “الزمن الجميل” الذي تصنعه الذاكرة ويتداخل فيه الخيال عبر استرجاع صور الماضي.

وهكذا نجد أنفسنا إزاء استعادة غير حرفية للزمن تضاف إليها أو تحذف منها بعض التفاصيل نتيجة للعوامل النفسية أو العاطفية. تستعيد قصة “سيد كورونا” زمن “الأفندية” كناية عن حقبة تلت ثورة 1952 بقلم محب، بينما “حكاية الجيص” تسعيده بصورة فانتازية تسخر من الحقبة نفسها وتتهكم على رموزها، والهزيمة التي منيت بها البلاد عام 1967. وفي قصة “عماد الدين” يظهر مقت الحاضر الذي يهين ذكريات الماضي ويحول دار سينما إلى مقلب نفايات. وفي قصتي “سرك الباتع” و”بارتشيلو بارتشيلو” يمتزج الماضي مع الحاضر بصورة عجائبية مثل دخول السرداب الذي تتبدل فيه خطية الزمن ويجري إعادة الوصل بين حبيبين، أو عبر عالم الأرواح والجن الذي يربط بين الجد والحفيد على رغم صعوبة التقاء، الماضي والحاضر في آن واحد.

مراوغة العنوان

يحيل عنوان المجموعة إلى الفيروس الوبائي “كوفيد 19” أو “كورونا” الذي أثار الرعب في العالم خلال عامي 2020 و2021، بينما مضمون قصة “سيد كورونا” لا علاقة له بالزمن الحاضر وإنما بزمن “الأفندية”، إذ يحتال الموظف “كامل” على رئيسه “فاروق” أثناء قضائهما الإجازة في مصيف تابع للشركة التي يعملان فيها. ويقنعه بشراء مخدر الحشيش أملاً في أن يدخنه بالمجان رفقته، لكن رئيسه يطلب منه شراءه على أن يمنحه النقود في ما بعد، مما يوقع الموظف في ورطة فيحتال على “فاروق أفندي” بأن يضع على حجر النرجيلة شوكولاتة ماركة “كورونا” بدلاً من الحشيش، مستغلاً سذاجة مديره بعالم الكيف.

المجموعة-القصصية-دار-العين قصص سيد كورونا تتهكم على مرارات الواقع
قصص “سيد كورونا” تتهكم على مرارات الواقع

وتستعيد المجموعة زمن المدرسة والجامعة كما في قصة “شد الحبل”، إذ يسترجع السارد قصته مع “فاروق الشجاعي” الذي كان يفرض سيطرته على زملائه ويخشونه ولا يستطيع أحد أن يقهره في لعبة “شد الحبل”. ثم لاحقاً يتنافسان على جذب فتاة خلال دراستهما الجامعية، لكن هذه المرة يقرر البطل ألا ينهزم بإرادته كما فعل أيام المدرسة.

أما قصة “بارتشيلو بارتشيلو” أطول قصص المجموعة فيتراوح الزمن فيها ذهاباً وإياباً بين الماضي والحاضر، بين الحفيد الذي يدعو زملاءه في الجامعة إلى بيت خشبي مهجور يملكه الأب، وعالم الجد الذي ربطته علاقة صداقة بصاحب هذا البيت الأصلي ويدعى “وليام” وكان يورد الخضر والفاكهة للجيش الإنجليزي قبل 1952. إلى أن يمتزج في النهاية الخط الزمني للحاضر والماضي” فاروق الجد وفاروق الحفيد، عبر جلسات تحضير الأرواح التي كان يقيمها الجد مع أصدقائه في هذا المنزل، عندما اتفقوا على أن أول راحل منهم عن هذا العالم عليه أن يأتي إلى زيارتهم في موعد ومكان حددوه، ليتأكدوا هل عالم الأرواح كذبة أم حقيقة. وبالفعل يموت أحد الحاضرين في هذه الجلسة ويدعى “بارتشيلو”، ويقيم بقية الأصدقاء فاروق بك ووليام وكاثرين زوجته والحاج مسعود والأستاذ عباس طقس استحضار روحه. لكن روحه لا تحضر إلا في زمن الحفيد، إذ ينفذ أصدقاء الحفيد دون قصد الشروط التي تستدعي هذه الروح فتتلبس أحد الشخصيات وهو يعاتبهم على عدم قدومهم حسب الموعد الذي اتفقوا عليه قبل موته، “لماذا لم تأتوا إلى القنطرة حسب الميعاد، لقد انتظرتكم طويلاً، أنا بارتشيلو… أنا بارتشيلو” ص 210.

إقرأ أيضاً

أحمد مطر شاعر عراقي "ولد ولم يعش ومع ذلك سيموت"
أحمد مطر شاعر عراقي "ولد ولم يعش ومع ذلك سيموت"
شاعر عراقي معاصر ولد عام 1954. اشتهر بالشعر السياسي الساخر، وقدم من خلاله الواقع العربي السياسي والاجتماعي...
من البحث عن عروس إلى شراء البطيخ.. أغرب طلبات من "شات جي بي تي"
من البحث عن عروس إلى شراء البطيخ.. أغرب طلبات من "شات جي بي تي"
قبل عقدين من الزمن، لم يكن ليتخيل أحد أن يصبح الإنسان شريكاً للتكنولوجيا في تفاصيل حياته اليومية حول...
تحمل أسم المنتصر بالله ….إنطلاق الدورة الأول من مهرجان" الشاشة"
تحمل أسم المنتصر بالله ….إنطلاق الدورة الأولى من مهرجان" الشاشة"
تحدث عمرو أسامه، رئيس مهرجان ” الشاشة” عن الدورة الأولى للمهرجان و التي تحمل أسم الفنان المنتصر...
أمل كلوني تعتمد هذه الصيحة لشعرها وتغيّر شكلها
أمل كلوني تعتمد هذه الصيحة لشعرها وتغيّر شكلها
لفتت المحامية البريطانية- اللبنانية أمل كلوني الأنظار بأناقتها وبتغيير لون شعرها في أحدث ظهور لها مع...
بحفل غنائي كبير.. محمود العسيلي في عمّان - تفاصيل
بحفل غنائي كبير.. محمود العسيلي في عمّان - تفاصيل
تستعد العاصمة الأردنية عمّان لاستقبال النجم المصري المحبوب محمود العسيلي في حفل غنائي كبير في منطقة العبدلي...