صراع جديد بين ميتا وأبل


مرة أخرى يتجدد الصراع بين عملاقي التكنولوجيا «أبل» و«ميتا»، مثيراً تساؤلات بشأن مدى «حماية خصوصية بيانات المستخدمين». وبينما أكد خبراء أن المعركة الأخيرة جزء من نزاع مستمر بين «أبل» و«ميتا» يتيح لهما البقاء على عرش التكنولوجيا الرقمية، أشاروا إلى أن «تأثير الصراع بشأن الخصوصية قد يمتد إلى مواقع الأخبار».
المعركة الأخيرة بدأت منتصف ديسمبر (كانون الأول)، مع تحذير وجهته شركة «أبل» بشأن تقديم منافستها «ميتا» المالكة لـ«فيسبوك» و«إنستغرام» نحو «15 طلباً للوصول العميق إلى البيانات، في إطار قانون الأسواق الرقمية الجديد بالاتحاد الأوروبي، وهو ما قد يضعف حماية بيانات المستخدمين».
وترى «أبل» أنه إذا «تمت الموافقة على طلبات (ميتا)، فسيكون باستطاعتها من خلال تطبيقاتها (فيسبوك) و(إنستغرام) و(واتساب) رؤية كل الرسائل القصيرة ورسائل البريد الإلكتروني والصور والمواعيد وكل بيانات مكالمات المستخدمين». ونبهت «أبل» في بيانها إلى أن «بعض الشركات تستخدم قانون الأسواق الرقمية الأوروبي للوصول إلى بيانات المستخدمين».

في المقابل، نفت «ميتا» هذه الاتهامات، وعدتها «حججاً تستخدمها (أبل) في إطار ممارساتها المضادة لحرية المنافسة». وقالت «ميتا»، في بيان، إن «(أبل) لا تعتقد بالتوافق بين الأجهزة الأخرى».
بالفعل، أكد الصحافي المغربي المتخصص في شؤون الإعلام الرقمي، أنس بنضريف، أن «الصراع الأخير بين (أبل) و(ميتا) هو امتداد لمعارك سابقة متكررة ومتجددة بين عملاقي التكنولوجيا». وأوضح أن «هناك قانونين يحكمان السوق الرقمية في أوروبا. الأول هو قانون الخدمات الرقمية الذي يستهدف منع الاحتكار وحماية بيانات المستخدمين. والثاني قانون الأسواق الرقمية الذي يجبر الشركات على إتاحة معلوماتها للمطورين».
وقال بنضريف إن «الصراع الأخير بين (أبل) و(ميتا) مرتبط بقانون التسويق الرقمي، حيث تعد شركة (ميتا) من المطورين الذين يتيحون تطبيقاتهم مثل (إنستغرام) و(فيسبوك) على هواتف (أبل)». وتوقع أن تنتهي المعركة لصالح «ميتا»، مبرراً ذلك بأن «حجة (أبل) ضعيفة وغير كافية وخصوصية بيانات المستخدمين محمية قانوناً في أوروبا، ومخالفة (ميتا) لقوانين حماية الخصوصية تعرضها لغرامات كبيرة». وأوضح أن «الصراع هو جزء من معركة تستهدف الضغط على (أبل) لفتح خدماتها وإتاحتها على منتجات تابعة لشركات أخرى».
وبحسب قانون الأسواق الرقمية الأوروبي فإنه لا يسمح للشركات المشغلة للمنصات الحصول على امتيازات خاصة. وتطالب المفوضية الأوروبية شركة «أبل» بأن «تجعل أجهزتها متوافقة مع التكنولوجيا التي تنتجها شركات أخرى».
وبموجب إجراءات المفوضية الأوروبية يتوجب على شركة «أبل» تقديم وصف واضح للمراحل والمواعيد النهائية المختلفة والمعايير والاعتبارات التي ستطبقها أو تأخذها في الاعتبار عند تقييم طلبات التشغيل البيني من مطوري التطبيقات، مع تزويد المطورين بتحديثات منتظمة وتقديم التعليقات وتلقيها فيما يتعلق بفاعلية حل التشغيل البيني المقترح. ومن المتوقع صدور قرار من المفوضية بشأن ما إذا كانت شركة «أبل» تلتزم بشرط قابلية التشغيل البيني، بحلول مارس (آذار) المقبل، وفق ما نقلته «رويترز».
الصحافي المصري المتخصص في الرصد والتحليل الإعلامي، محمد الصاوي، قال إن «التوترات المستمرة بين (أبل) و(ميتا) إلى جانب قانون الأسواق الرقمية في الاتحاد الأوروبي تسلط الضوء على الأهمية المتزايدة لتنظيم شركات التكنولوجيا الكبرى، خاصة فيما يتعلق بالخصوصية والمنافسة».
وأضاف أن «التحذير الذي أطلقته شركة (أبل) بشأن (ميتا) أثار جدلاً حول ما إذا كانت مثل هذه الممارسات قد تضعف حماية البيانات للمستخدمين»، موضحاً أن «التركيز المتجدد على قانون الأسواق الرقمية يعد جزءاً من جهود الاتحاد الأوروبي لمنع شركات التكنولوجيا الكبرى من استغلال هيمنتها، حيث يهدف القانون إلى ضمان المنافسة العادلة عن طريق تقييد الشركات من منح نفسها مزايا خاصة أو الوصول إلى بيانات المستخدمين بشكل مفرط دون موافقة».
وأشار إلى أن «تأثير قانون الأسواق الرقمية يمتد إلى ما هو أبعد من شركات التكنولوجيا الكبرى، حيث قد يؤثر أيضاً على المواقع الإخبارية، لا سيما تلك التي تعتمد على منصات مثل (فيسبوك) في توزيع منتجاتها».
وأوضح أن «القانون قد يجبر المنصات على معاملة أكثر عدلاً، مما يضمن عدم تضرر المواقع الإخبارية من الخوارزميات أو ممارسات البيانات المتحيزة، كما يفرض إعادة التفكير في كيفية جمع البيانات الشخصية ومشاركتها وحمايتها عبر المنصات، مما يشير إلى تحول نحو أنظمة رقمية أكثر شفافية».
وعد الصحافي المتخصص في الرصد والتحليل الإعلامي «قانون الأسواق الرقمية محاولة لإعادة التوازن في ديناميكيات القوة في السوق الرقمي، مما قد يؤثر بشكل كبير على المبدعين في مجال المحتوى، بما في ذلك المواقع الإخبارية، في كيفية تفاعلهم مع المنصات»، مشيراً إلى أن «استمرار الصراع بين (أبل) و(ميتا) يضمن بقاءهما متربعين على عرش المنافسة الرقمية».
ويأتي الصراع الأخير بين «أبل» و«ميتا» في وقت قررت هيئة حماية البيانات الأيرلندية فرض غرامة قيمتها 251 مليون يورو على شركة «ميتا» بسبب عملية اختراق واسعة لبيانات نحو 29 مليون مستخدم على مستوى العالم في عام 2018.