الرّاحلون


دُعاء الخطيب
بِضعٌ مِن سنين ..
كانت كافيةً لِ قتلي …
بِ جرعةٍ زائدةٍ مِن الحنين !
بِضعٌ مِن سنين ..
كبرتُ فيها كثيراً !
شاخَت روحي …
وقلبي اِستولاهُ المشيب !
بِضعٌ مِن سنين ..
باتَ يخنقُني فيها الزُّحام ..
ويُتعبُ روحي فيها الكلام ..
صرتُ أبحثُ عن أتفهِ الأعذار …
فقط، كيْ أنام !
بِضعٌ مِن سنين ..
اِكتشفتُ فيها أنَّ الجميعَ راحلون …
حتّى مَن وعدَني بِ البقاء !
أنَّ القلبَ دوماً ذائقٌ لِلمنون …
ولا يزيلُ غصّتَهُ تنهيدةٌ أو بكاء !
بِضعٌ مِن سنين ..
غيّرت فيَّ الكثير !
صرتُ مدمنةً لِلهدوء …
أنا الّتي لَطالَما بحثتُ عن الصَّخَب !
باتَ التّفكيرُ يرهقُني …
والكلامُ أضحى أجلدَ وأصعب !
بِضعٌ مِن سنين ..
رافقَني فيها السَّهَر …
برودُ الملامحِ كَ الحَجَر …
وقلبٌ ما عادَ يستقرّ !
شرارةٌ تأبى الهدوء …
دموعٌ تأبى الخروج …
وغصّةٌ أخذت مِن روحي لها مُستقَرّ !
بِضعٌ مِن سنين ..
مااِنفكَّ الشّوقُ فيها يزيد …
لِ راحلينَ غابت أجسادُهُم …
لَكنَّهُم اِستعمروا الرّوحَ والوريد !
بِضعٌ مِن سنين ..
باتَ العالَمُ فيها خالياً ..
صارت الأيّامُ كَ الألعاب …
لَكنَّني اِعتزلتُ اللّعبَ منذُ سنين !
باتت الحياةُ خاليةً مِن الألوان …
الشّوارعُ متشابهةٌ …
والكلُّ تملُؤُهُ الهموم !
الشُعورُ ذاتُهُ …
في كلِّ زمانٍ .. وأيِّ مكان !
بِضعٌ مِن سنين ..
تملّكَها الحزنُ على الرّاحلين !
بِضعٌ مِن سنين ..
أضعتُ فيها ماهِيَتي !
فقدتُ شَغَفي لِلحياةِ !
اِشتقتُ فيها لِلغائبين …
لَكنَّني اِشتقتُني أكثر …
حينَما كنتُ أصغر …
وأحلامي كانت أكبر …
ما بينَ الرّيحانِ والزّعتر …
وقليلٍ مِن حنين !
بِضعٌ مِن سنين ..
والكثيرُ الكثيرُ مِن آلامٍ وأنين …
ليست إلّا نقطةً في بحرٍ …
في …
بِضعٍ مِن سنين