فدوى طوقان “أم الشعر الفلسطيني”

في مثل هذا اليوم 12 ديسمبر(كانون الأول) 2003 توفيت الشاعرة الفلسطينية فدوى طوقان، إثر أزمة قلبية، عن عمر يناهز 86 عاماً، وهي شاعرة قديرة غلب على شعرها المسؤولية الوطنية فلقبت “أمّ الشعر الفلسطيني” و”شاعرة فلسطين”.

ولدت فدوى عبد الحميد طوقان عام 1917، في مدينة نابلس بفلسطين، من أسرة محافظة، ومن كبار عائلات نابلس، ولم تسمح لها العائلة بمواصلة تعليمها وفرضت عليها الإقامة في المنزل، عانت في طفولتها من حمى الملاريا وكان شحوبها ونحولها سبباً للاستهزاء والفكاهة.


عاشت طوقان حياة مليئة بالحرمان والحزن، انعكست على شخصيتها، بسبب التعصب والقيود، فكانت تميل إلى الوحدة والانطواء بل وحتى التفكير في الانتحار انتقاماً من ظلم الأهل، خاصة في مرحلة المراهقة.


كانت بارقة النور في حياتها أخيها الشاعر إبراهيم، الذي عاد من بيروت عام 1921 بعد إنهاء دراسته الجامعية، فكان يصادقها ويهتم بها ويحبها، وبما أنها إنسانة مرهفة الإحساس لجأت إلى الشعر لتعبر عن أحاسيسها ومشاعرها بعيداً عن قسوة العادات والتقاليد، وكان إبراهيم الملهم والمعلم الأول لها في مجال الشعر والأدب، وبفضله نالت قسطاً من العلم والثقافة الأدبية في البيت، تعرفت على قواعد الشعر والنحو والبلاغة، وعلمها العروض وشجعها على الكتابة الشعر، وقدم لها كتباً في الأدب والفكر وغيرها.
حرصت فدوى على تثقيف نفسها بالقراءة وسعة الاطلاع، وكانت قارئة نهمة اطلعت على التراث العربي والآداب العالمية بما فيها الكتب الدينية، ثم تعمقت في دراسة الأدب العربي وعلوم النحو والصرف والشعر العربي في العصر الجاهلي والأموي والعباسي والأندلسي.
وفي عام 1939، عاشت مع أخيها إبراهيم في مدينة القدس، وتعرفت خلال هذه الفترة على شعراء وأدباء وسياسيين، وارتادت صالونات الأدب والثقافة والمكتبات ودور السينما.


ثم انتقلت للعيش في لندن في نهاية الستينات والتحقت بدورات في جامعة أكسفورد لتعلّم اللغة والأدب الإنجليزي، وتمكنت من الاطلاع على أعمال الأدباء والشعراء والفلاسفة الغربيين، فانفتحت على الفكر الغربي.


نشرت أولى قصائدها صحف عربية، كمجلة الرسالة المصرية والأمالي اللبنانية ومرآة الشرق، وكانت توقع قصائدها الغزلية باسم “دنانير”، خشية “الفضيحة”، ثم ما لبثت أن اشتهرت باسم “المطوقة”.


وعقب وفاة شقيقها إبراهيم كتبت قصائد رثاء قوية، معبرة عن نفسها المكلومة، ظهرت في ديوانها الأول “وحدي مع الأيام”، الذي طغى عليه الإحساس بالعزلة والكآبة.
وبعد ظهور تيار الشعر العربي الحديث في الخمسينيات، تخلت عن كتابة القصيدة العمودية، وانتقلت لكتابة شعر التفعيلة، وأخذ شعرها طابعاً خاصاً من حيث الشكل والمضمون.


وكانت بداية تحول شعرها من الرومانسية إلى الواقعية، عقب النكسة عام 1967، فانخرطت في الواقع الفلسطيني وجدانياً، وكانت تعبر عن الهم الجماعي وتلامس صميم القضية الفلسطينية، ومثل قمة الإبداع الأدبي لديها في ذلك، ديوانها ” الليل والفرسان” كما لقبها الشاعر محمود درويش “أمّ الشعر الفلسطيني”.


عملت في عدة مناصب جامعية، آخرها منصب أمينة السر في مجلس أمناء جامعة النجاح الوطنية في نابلس، وشاركت في مؤتمرات وندوات واجتماعات فكرية وأدبية عربياً وعالمياً.


أخلصت فدوى طوقان للشعر والأدب وأصدرت العديد من المجموعات الشعرية والمؤلفات، وقد تُرجم بعض منها إلى لغات أجنبية عديدة كالإنجليزية والإيطالية والسويدية والفرنسية والألمانية والروسية، وحصلت على العديد من الجوائز، مثل جائزة الزيتونة الفضية لحوض البحر الأبيض المتوسط في إيطاليا، وجائزة عرار السنوية للشعر في عَمّان، جائزة سلطان العويس في الإمارات، وجائزة البابطين للإبداع الشعري في الكويت.

وكالات

إقرأ أيضاً

سوريا… وطنٌ تتكلّم فيه الحضارات قبل أن تنطق الجغرافيا
سوريا… وطنٌ تتكلّم فيه الحضارات قبل أن تنطق الجغرافيا
لا تُختزل سوريا في حدودها السياسية، ولا يمكن وضعها داخل إطار واحد؛ فهي واحدة من أكثر بقاع الشرق الأوسط...
الأعمال الفائزة أيام قرطاج المسرحية 26 - اسماء
الأعمال الفائزة في أيام قرطاج المسرحية الــ 26 - اسماء
برزت الدورة السادسة والعشرون من أيام قرطاج المسرحية بوصفها واحدة من أكثر الدورات حيوية وتجديداً في السنوات...
هل يستمد الفن من النفس أم تستمد النفس من الفن ؟
هل يستمد الفن من النفس أم تستمد النفس من الفن ؟
الفنانة فاتن الدواود طالما كان الفن في العصور الغابرة وأيام الإنسان الأول بمثابة ترجمة حرفية وحقيقية...
تونس تطلق أهم تظاهرة مسرحية عربية- تفاصيل وصور
تونس تطلق أهم تظاهرة مسرحية عربية- تفاصيل وصور
انطلقت في العاصمة التونسية فعاليات الدورة السادسة والعشرين من أيام قرطاج المسرحية، التي افُتتحت في دار...
التونسي الجعايبي يفوز بجائزة الدكتور صلاح القصب
التونسي الجعايبي يفوز بجائزة الدكتور صلاح القصب
أعلنت جائزة الدكتور صلاح القصب عن تتويج المخرج التونسي الفاضل الجعايبي لسنة 2025 تقديرا لمسيرته وإسهامه...