أسود الرافدين يخطفون صدارة المجموعة الرابعة في كأس العرب
الدوحة – واصل المنتخب العراقي عروضه المتصاعدة في بطولة كأس العرب لكرة القدم 2025، بعد أن حقق فوزًا مهمًا ومستحقًا على نظيره السوداني بهدفين دون مقابل، في لقاء شهد تحولًا تكتيكيًا واضحًا بين شوطي المباراة، ليحسم أسود الرافدين بطاقة التأهل إلى الدور المقبل متصدرين المجموعة الرابعة بالعلامة الكاملة (6 نقاط).

شوط أول مرتبك… وصمود دفاعي ينقذ العراق
ورغم دخول المنتخب العراقي المباراة بثقة عالية بعد فوزه الأول على البحرين، فإن الشوط الأول حمل تحديات أكبر مما توقعه الجهاز الفني بقيادة الأسترالي غراهام أرنولد. فقد فرض المنتخب السوداني سيطرته في الربع ساعة الأولى، ونجح اللاعب غربال في تهديد المرمى العراقي بفرصتين خطيرتين، الأولى مرت بمحاذاة القائم، والثانية علت العارضة في الدقيقة 30، وسط ارتباك واضح في الترابط بين خطي الوسط والهجوم لدى المنتخب العراقي.
وفي المقابل، ورغم الانضباط الدفاعي وتماسك الخط الخلفي، عانى الثنائي الهجومي عمار محسن وعلي جواد من العزلة بسبب بطء نقل الكرة وضعف الإمداد الهجومي. وأتيحت للعراق فرصة وحيدة خطرة عبر رأسية صلاح عادل قبيل نهاية الشوط الأول، لكنها مرت إلى الخارج، لينتهي الشوط الأول بنتيجة سلبية لم ترضِ أرنولد الذي بدا ممتعضًا من النسق الهجومي الباهت لفريقه.
شوط ثانٍ مختلف… تبديلات تقلب المشهد وأسلوب أكثر شراسة
مع بداية الشوط الثاني، عاد المنتخب العراقي بشكل مغاير تمامًا، إذ ظهرت رغبة حقيقية في فرض الإيقاع واستعادة السيطرة. وجاءت أولى المحاولات عبر تسديدة حسين علي في الدقيقة 52، قبل أن يجري أرنولد سلسلة من التبديلات التي شكلت نقطة التحول في المباراة.
ودخول كل من مهند علي (ميمي) ومصطفى سعدون وعلي جاسم وأمجد عطوان وأحمد يحيى غيّر شكل الفريق جذريًا، حيث ارتفع النسق البدني، وتحسّن الضغط على دفاع السودان، كما نشطت الأطراف وازدادت فرص الاختراق في العمق.
وترجم العراق أفضليته المتزايدة عندما استغل ميمي خطأً دفاعيًا ليودع الكرة الشباك في الدقيقة 80، قبل أن يعزز أمجد عطوان النتيجة بتسديدة قوية في الدقيقة 83 بعد تمريرة ذكية من علي جاسم. وكاد ميمي يضيف الهدف الثالث في الدقيقة 88، لكن كرته مرت خارج المرمى، ليخرج المنتخب بفوز ثمين عكس قدرة اللاعبين على التحول من فريق متردد في الشوط الأول إلى فريق يفرض إيقاعه ويستثمر الفرص في الثاني.

رسالة فنية واضحة
أظهرت المباراة قدرة أرنولد على قراءة الخصم وإحداث تغيير فعّال في النهج التكتيكي، وهو ما يُعد مؤشرًا مهمًا قبل دخول العراق الأدوار الإقصائية التي تتطلب مرونة تكتيكية وحسًا هجوميًا عاليًا، خصوصًا أمام منتخبات تلعب بمنظومات دفاعية معقدة.
خلفية عن وضع المجموعة الرابعة
تصدر المنتخب العراقي المجموعة الرابعة برصيد 6 نقاط من فوزين متتاليين، بينما يحتل المنتخب الجزائري المركز الثاني بـ4 نقاط عقب تعادله مع السودان وفوزه على البحرين. وخرج المنتخب البحريني من المنافسة رسميًا بعد خسارته مباراتيه، فيما بقي السودان بنقطة واحدة في مؤخرة الترتيب.
وستحدد الجولة الثالثة شكل المنافسة على البطاقة الثانية المؤهلة، حيث تبدو الجزائر الأقرب، لكنها قد تواجه ضغطًا إضافيًا إذا نجح السودان في إحداث مفاجأة. أما العراق، فقد ضمن الصدارة دون انتظار نتائج الجولة الأخيرة، ليبدأ التفكير مبكرًا في خصمه المحتمل في دور الثمانية.
العراق في كأس العرب… إرث طويل وحضور ثابت
يملك العراق تاريخًا لافتًا في بطولة كأس العرب، إذ يُعد من أبرز المنتخبات التي تركت بصمة في المسابقة عبر نسخها المختلفة. وتُوّج أسود الرافدين بلقب البطولة أربع مرات (1964، 1966، 1985، 1988)، ما يجعل العراق صاحب الرقم القياسي في عدد الألقاب حتى اليوم. كما كان المنتخب منافسًا دائمًا في المراحل المتقدمة من البطولة، رغم فترات الغياب والتراجع الكروي التي مر بها في بعض الفترات.
وتُعد النسخة الحالية فرصة للعراق لاستعادة حضوره التاريخي على الساحة العربية، خصوصًا مع التطور الملحوظ في مستوى الفريق والانسجام بين عناصره الشابة والخبرة، ما يجعل جماهيره تتطلع إلى وصول المنتخب بعيدًا في البطولة وربما استعادة اللقب بعد غياب طويل.