الفن الأردني البدوي.. عراقة تمتد وجذور تتجدد


يحتل الفن الأردني مكانة خاصة في المشهد الثقافي العربي، بفضل تنوع ألوانه وتماهيه مع الهوية الوطنية، غير أن اللون البدوي ظلّ الأبرز والأكثر حضورًا، لما يحمله من أصالة متجذرة في عمق الصحراء الأردنية. فهذا الفن لم يكن يومًا مجرد غناء أو موسيقى، بل كان تعبيرًا عن حياة متكاملة، عن الحب والفروسية والوفاء، وعن قيم البداوة التي شكّلت ملامح الشخصية الأردنية.

صوت البادية وروح الأصالة
ارتبط الفن البدوي الأردني بالربابة والشعر النبطي، حيث تجتمع الكلمة العفوية مع اللحن البسيط والإيقاع العذب. وهو فن يعكس حياة البادية بصدق، ليبقى شاهدًا على علاقة الإنسان الأردني بأرضه وصحرائه وموروثه الاجتماعي. ومن خلال الأغاني البدوية، انتقلت حكايات الأجداد وقيم الكرم والشجاعة لتبقى حاضرة في وجدان الأجيال.
رواد ومبدعون
على مدى عقود، برز عدد من الفنانين الأردنيين الذين أسهموا في صون هذا الفن وإيصاله إلى مساحات أوسع. فقد عُرف أسماء مثل محمد عبده السرحان وسعد أبو تايه بقدرتهم على حمل الهوية البدوية في أصواتهم وألحانهم، فيما واصل فنانون آخرون مثل محمد الوكيل ومحمد الطويسي تطوير الأغنية البدوية ومزجها بروح عصرية. واليوم، يواصل جيل جديد هذه المسيرة، محاولًا الحفاظ على الموروث مع تقديمه بلمسة حديثة تجذب الشباب وتواكب الذائقة المعاصرة.

حضور عربي ودولي
لم يبقَ الفن البدوي الأردني حبيس البادية أو حدود الوطن، بل وجد لنفسه مكانًا في المهرجانات العربية والمحافل الدولية. فقد شكلت مشاركات الفنانين الأردنيين في الخارج فرصة للتعريف بهذا اللون الفريد من الغناء، الذي أصبح علامة بارزة تعكس هوية الأردن الثقافية، ونافذة تنقل روح البادية إلى العالم.

أصالة تتجدد
اليوم، يقف الفن البدوي الأردني أمام تحدٍ مزدوج: الحفاظ على أصالته من جهة، ومواكبة التطور الموسيقي من جهة أخرى. ورغم هذا التحدي، لا يزال هذا الفن يحتفظ بجاذبيته، ليبقى مرآة للهوية الأردنية وذاكرة حيّة تتناقلها الأجيال. فهو ليس مجرد لون موسيقي، بل رسالة ثقافية توثق الماضي وتواكب الحاضر وتطل نحو المستقبل.