مهرجان المسرح العربي بدورته الـ16خارطة فنية تعكس تحوّلات المسرح في المنطقة
أبوظبي – أعلنت الهيئة العربية للمسرح القائمة النهائية للعروض المتأهلة إلى الدورة السادسة عشرة من مهرجان المسرح العربي، في حدث يشكّل محطة مفصلية داخل المشهد المسرحي الإقليمي، وسط تأكيد الأمين العام للهيئة، إسماعيل عبد الله، أن الدورة الجديدة “ستكون من أكثر الدورات تنافساً ورقياً في تاريخ المهرجان، سواء من حيث عدد المشاركات أو جودة المشاريع المسرحية”.
ويمثّل الكشف عن العروض المختارة محطة مهمة نظراً للدور المركزي الذي يلعبه المهرجان في توجيه البوصلة المسرحية في العالم العربي، وفي إبراز التجارب المسرحية الأكثر تقدّماً فكرياً وجمالياً. كما يأتي الإعلان في سياق سياق إقليمي يشهد عودة قوية للمسرح بعد سنوات من التحديات التي فرضتها الأزمات الاجتماعية والاقتصادية.

بانوراما عربية واسعة: تنوّع جغرافي وفكري وجمالي
اختارت لجنة التحكيم 16 عرضاً مسرحياً للمسار الرئيسي، تمثّل 10 دول عربية، وتكشف عن حالة من التنوع اللافت في المدارس والأساليب المسرحية.
ففي شمال أفريقيا، يحضر المسرح المغربي والتونسي والجزائري بتجارب مختلفة تجمع بين النصوص الجديدة والتجريب الحركي والبحث في الراهن الاجتماعي. أما في الخليج العربي، فتبرز عروض من الإمارات وقطر والكويت تتقاطع في محاولتها تعزيز المسرح المحلي من خلال نصوص معاصرة ورؤى بصرية قوية. وفي المشرق العربي، يشارك كل من الأردن ولبنان والعراق ومصر بعروض تستند إلى إرث طويل من المسرحة ومقاربة قضايا اجتماعية وسياسية ملحّة.
هذا التنوع، وفق مراقبين، يعكس تحولات جذرية في هوية المسرح العربي، وانتقالاً تدريجياً من العروض التقليدية إلى المسرح القائم على الدراماتورجيا، والسينوغرافيا المتقدمة، واستخدام النص كمنصة لطرح أسئلة فكرية معقدة.
العروض المتأهلة إلى المسار الرئيسي (16 عرضاً):
• ويندوز 5 (Widows F5) – المغرب
تأليف وإخراج: أحمد أمين ساهل – فرقة Art Friends.
• الساعة التاسعة – قطر
تأليف: مريم نصير – إخراج: محمد الملا – فرقة قطر المسرحية.
• المفتاح – الجزائر
تأليف: محمد بورحلة – إخراج: زياني شريف عياد – المسرح الجهوي بجاية.
• الهاربات – تونس
تأليف وإخراج: وفاء طبوبي – المسرح الوطني بالشراكة مع الأسطورة للإنتاج.
• بابا – الإمارات العربية المتحدة
تأليف وإخراج: محمد العامري – مسرح الشارقة الوطني.
• بيكنك ع خطوط التماس – لبنان
نص: ريمون جبارة – إخراج: جوليا قصار – إنتاج 62Events.
• جاكرندا – تونس
تأليف: عبد الحليم المسعودي – إخراج: نزار السعيدي – المسرح الوطني التونسي.
• طلاق مقدس – العراق
تأليف وإخراج: علاء قحطان – الفرقة الوطنية للتمثيل.
• فريجيدير – الأردن
عن نص هزاع البراري – دراماتورجيا وإخراج: الحاكم مسعود – مجموعة آرتو.
• كارمن – مصر
دراماتورجيا: محمد علي إبراهيم – إخراج: ناصر عبد المنعم – مسرح الطليعة.
• كيما اليوم – تونس
تأليف وإخراج: ليلى طوبال – المسرح الوطني و”الفن مقاومة”.
• مأتم السيد الوالد – العراق
تأليف وإخراج: منهد الهادي – الفرقة الوطنية للتمثيل.
• مرسل إلى – مصر
تأليف: طه زغلول – إخراج: محمد فرج – فرقة السنبلاوين المسرحية.
• من زاوية أخرى – الكويت
تأليف: مصعب السالم – إخراج: محمد جمال الشطي – فرقة المسرح الكويتي.
• مواطن اقتصادي – المغرب
تأليف: أحمد السبياع – إخراج: محمود الشاهدي – محترف الفدان للمسرح.
المسار الموازي: 34 عرضاً تأهل منها عمل واحد حتى الآن
أما في المسار الثاني، الذي يستهدف العروض ذات الطبيعة التجريبية أو المشاريع التي تقدم قراءة جديدة للنصوص الكبرى، فقد تأهل من بين 34 عرضاً:
• الجريمة والعقاب – مصر
عن رواية دوستويفسكي – إعداد وإخراج: محمود الحسيني – نقابة المهن التمثيلية.
ويُنتظر أن تقرر اللجنة لاحقاً إمكانية إضافة أعمال أخرى لهذا المسار المعتمد على معايير مختلفة عن المسار الرئيسي.
مشهد مسرحي عربي يعيد تشكيل نفسه
قراءة أولية للعروض المختارة تشير إلى ثلاثة اتجاهات أساسية:
1- حضور واضح للدراماتورجيا العربية الحديثة
خصوصاً في العروض التونسية والمغربية والمصرية، التي تتعامل مع النص باعتباره مشروعاً مفتوحاً لإعادة الكتابة.
2- هيمنة المسرح الاجتماعي والسياسي
عدد كبير من الأعمال يعالج قضايا المرأة، السلطة، العنف، الهجرة، والذاكرة، ما يعكس علاقة المسرح بالتحولات العربية الكبرى.
3- تصاعد دور المرأة المسرحية
ليس فقط كممثلة بل كمؤلفة ومخرجة ورائدة رؤية مسرحية، كما يظهر في أعمال وفاء طبوبي وليلى طوبال وجوليا قصار.
هذه المؤشرات تعطي الدورة السادسة عشرة طابعاً استثنائياً، وتكشف عن رغبة مسرحية عربية جديدة في تجاوز السرديات التقليدية، وبناء لغة مسرحية أكثر اتساعاً وتعددية.
مهرجان المسرح العربي… 16 عاماً من صناعة الحضور المسرحي
منذ انطلاقه عام 2008 بمبادرة من الهيئة العربية للمسرح، تحوّل مهرجان المسرح العربي إلى أكبر منصة سنوية لتجارب المسرح في المنطقة. وقد نجح المهرجان خلال دوراته المتعاقبة في:
• خلق فضاء عربي مشترك لتبادل الخبرات المسرحية
• دعم تجارب الشباب وتشجيع الكتابة المسرحية الجديدة
• تطوير مسابقات النصوص والمبادرات التكوينية
• تعزيز حضور المسرح العربي في الفضاء الثقافي الدولي
ومع دخول المهرجان عامه السادس عشر، تبدو خارطته الفنية أكثر نضجاً وثراءً، ما يجعله اليوم ليس مجرد تظاهرة سنوية، بل مشروعاً ثقافياً عربياً يساهم في إعادة صياغة هوية المسرح وتطوير أدواته ورؤاه.