زيتون فلسطين.. ذاكرة الأرض والصمود
 
 
															على امتداد التلال والوديان الفلسطينية، يتردد صوت المناجل ووقع الأهازيج القديمة، إيذانًا ببدء موسمٍ يختصر تاريخًا من الصمود والعطاء. بين أغصان الزيتون العتيقة التي شهدت الحروب والسلام، يبدأ الفلسطينيون رحلة جني ثمارهم المباركة، حاملين معهم ذاكرة الأرض وعبق التاريخ.
مع حلول شهر أكتوبر من كل عام، تنبض الحقول بالحياة مجددًا، إذ يُعد موسم جني الزيتون في فلسطين واحدًا من أقدم وأهم المواسم الزراعية والوطنية، ورمزًا للأرض والانتماء والتجذر في وجه التحديات.
 
الزيتون.. موروث الأجداد ورمز البقاء
يعد الزيتون الفلسطيني أكثر من مجرد محصول زراعي، فهو موروث شعبي واقتصادي يتوارثه الفلسطينيون جيلاً بعد جيل.
وفي هذه الأيام، تتجدد الطقوس العائلية والاجتماعية في الحقول، حيث تجتمع العائلات لقطف الثمار وفق تقاليدٍ راسخة، تترافق مع الأهازيج الشعبية والأكلات التراثية، في مشهدٍ يعكس علاقة الإنسان الفلسطيني بالأرض كعلاقة الروح بالجسد.
أصناف الزيتون الفلسطيني
 
تتميز فلسطين بزراعة عدة أصناف من الزيتون التي تشكل ثروةً زراعية واقتصادية فريدة، أبرزها:
- النبالي البلدي: أحد أقدم الأصناف، يمتاز بزيتٍ عالي الجودة ونكهةٍ تقليديةٍ غنية.
- النبالي المحسّن: صنف مطوّر يتميز بإنتاجيةٍ أعلى وجودة زيتٍ منافسةٍ للأسواق العالمية.
إنتاج الزيتون وأهميته الاقتصادية
تشير إحصاءات وزارة الزراعة الفلسطينية إلى أن قطاع الزيتون يشكل ما يزيد عن 15% من الدخل الزراعي الوطني، ويُعد مصدر رزقٍ أساسي لآلاف العائلات في مختلف المحافظات.
ويُقدّر إنتاج الزيتون سنويًا بمئات آلاف الأطنان، يُستخدم معظمها في إنتاج زيت الزيتون البكر، بينما يُخصص جزءٌ للتخليل والتصدير، ما يجعل هذا القطاع عمودًا فقريًا في الاقتصاد الفلسطيني.
زيت فلسطيني بجودة عالمية
نال زيت الزيتون الفلسطيني اعترافًا عالميًا بجودته العالية ونقائه، إذ يُعد من أفضل أنواع الزيوت في العالم من حيث الطعم ونسبة الحموضة المنخفضة.
وتعمل الجهات الفلسطينية المختصة على تعزيز الهوية التجارية للزيت الفلسطيني عبر إطلاق علامات منشأ وطنية تميّزه في الأسواق الدولية، في خطوة تسويقية تهدف إلى دعم المنتج المحلي وتثبيت مكانته عالميًا.
 
موسم يروي حكاية شعب
يبقى موسم الزيتون في فلسطين أكثر من مجرد موسمٍ زراعي، فهو مهرجان وطني وإنساني يجمع بين الرزق والذاكرة، بين التعب والكرامة.
وفي كل حبة زيتون تُقطف من أغصانها العتيقة، تُروى قصة شعبٍ لا يزال متمسكًا بأرضه رغم كل الرياح، مؤمنًا بأن من يزرع الزيتون، يزرع السلام والأمل في وجه العتمة.
 
 
	 
 
 
        	        
       
        	        
       
        	        
      