زمن حاتم السيد


فراس زقطان
في الدورة الأخيرة لمهرجان المسرح الأردني اقتصرت المشاركات على عروض محلية اختارتها لجنة، هذه اللجنة اختارتها وزارة الثقافة.
و في السنة التي سبقت تم الغاء الدورة و في التي سبقت التي سبقت كانت مشاركات عربية محدودة.
تم اطلاق المهرجان او (الموسم ) بطريقة تشبه توزيع المنشورات السرية , بلا اعلان او ندوات مصاحبة و بتكرار العرض المسرحي في اليوم التالي في مسرح مختلف لتلبية شروط التمويل و الإنتاج.
مستوى العروض كان مؤشرا على التراجع الذي أصاب المسرح في البلاد,عروض ضعيفة محملة بهوس إرضاء الجمهور او هوس.
المشاركات الخارجية التي أصبحت كفيروس استشرى في عقلية المسرحي هنا او في عالمنا العربي.

لم اعد أتذكر رقم الدورة لهذا المهرجان , ربما لأنه فقد كل الزخم و الالق و الحضور العربي .
هذا المهرجان الذي انطلق في بداية التسعينات كفرصة ليتنفس الفنان الأردني قليلا بعدما توقفت الدراما التلفزيونية و اضحى الفنان بلا عمل اثر تداعيات حرب الخليج الأولى.
كان المهرجان و كانت الانطلاقة محلية بأدارة حاتم السيد الذي كان يشغل مديرا للمسرح و الفنون في وزارة الثقافة .
اتكأت قليلا على العنوان الذي يشابه عنوان فيلم المبدع نور الشريف(زمن حاتم زهران) الذي سنراه لاحقا في عمان في دورة من دورات المهرجان و لكن حاتم هنا كان مخلصا للفكرة و الخشبة و المحتوى.
على درج مسرح (201) في جامعة اليرموك تحدثت مع حاتم السيد للمرة الأولى,كان هذا في السنوات الأولى من التسعينات,كنا طلابا للمسرح و كان هو برفقة ناصر عمر اتيا لاربد لعرض مسرحية (الزبال).
الحديث كان قصيرا عن العائلة و دراسة المسرح ثم سيعود هو الى عمان و اذهب انا لاستكمال دراستي و الذهاب الى معان للعمل ثم التقيه بعد اربع سنوات مديرا لي في مديرية المسرح.
سأتعرف حينها و اتعلم كيف يتم التأسيس لعمل مهرجان مستقل,فرغم ان المهرجان كان تحت مظلة وزارة الثقافة لكنه كان مستقلا ماليا و إداريا و كانت لجنته العليا تضم رجال اعمال و صناعيين و فنانين و له فلسفة خاصة في اختيار من يعمل و كيف يعمل .
كانت المرونة هي العنوان الأساس في العمل,و علينا ان نحل أي مشكلة مهما كانت و بأي ثمن ,انت من موقعك صاحب قرار لا ان تنتظر تسلسلا مرعبا من الترتيب الإداري لاتخاذ قرار اصلاح ديكور او صرف فاتورة او استئجار معدات.
عدد كبير من المشاركين سيأتي من العالم العربي و سنشاهد بيننا نجوما من مصر و تونس و البحرين و المغرب و العراق ,سأمضي مثلا يوما كاملا مع الدكتور اشرف زكي لنحل معضلة ديكور مسرحيته و سيظل يتحدث بعدها سنوات عن ما فعلناه معه,
سيكون رئيس لجنة العلاقات العامة فنانا حقيقيا يعلم من المشاركين و يتفاعل معهم و ستشاهد ندوات تقييمية ثقيلة المحتوى و لجان تحكيم من أساتذة كبار عرب.
جمهور كبير كان يحضر و عروض لا زالت في الذاكرة ,و نشرة مهرجان معبرة عن العروض و النقاشات التي تحدث في الاروقة.
أتذكر حاتم السيد كلمحة وفاء لرجل تعلمنا منه الكثير و زمن له من الحنين اكثر.
و نأسف على منجز حققناه و سبقنا فيه اخوتنا لكنه اندثر و ذهب كما ذهبت الدراما التلفزيونية المحلية حين تولاها موظفون..