رحلة الجسد العاري في اسبانيا عبر قرن

أكثر من تسعين عملاً فنياً بين لوحةٍ تشكيلية ومنحوتة لفنانين إسبان من مختلف الأجيال والمدراس الفنية تُعرض حالياً في معرض “عري: أجساد معيارية ومتمرّدة في الفن الإسباني” بمتحف “كارمن تيسن” في مدينة مالقة الأندلسية (مالاغا حالياً)، والذي يتواصل حتى التاسع من آذار/ مارس المقبل.

يدرس المعرض التيارات المختلفة التي أسهمت في إحداث قطيعة مع القانون الكلاسيكي الذي كان موجوداً في التأهيل الأكاديمي وفي تكوين المشهد الفني الإسباني حتى بداية القرن العشرين، حيث كان دخول الجسد العاري بمثابة أحد العناصر التحويلية الرئيسية فيه.

تقدّم الأعمال المعروضة مفهوم الجسد وتطوّره عبر قرن كامل، حيث ارتبط هذا التطور بالحالة الاجتماعية والسياسية التي عاشتها شبه الجزيرة الإيبيرية أكثر من ارتباطه بمفاهيم جمالية أو دينية، وصولاً إلى تيار الحداثة، حيث أثار مفهوم العري قضية رئيسية لا سيما عبر تقديمة لا كدرس أخلاقي، كما جرت العادة في تيارات فنية سابقة، بل كموضوع فني في حدّ ذاته.

غير أن تقديم الإنسان العاري كنوع أدبي في حدّ ذاته لم يحدث في إسبانيا، على عكس جيرانها الأوروبيين، إلا مع نهاية القرن التاسع عشر والدخول في الربع الأول من القرن العشرين، تحديداً مع انتشار الحركات الطليعية ومدارسها الفنية، حين ساد الجسد العاري على الجسد المثالي، كاشفاً بذلك عن احتمالات الإثارة الموجودة في العراء. وهكذا صار الجسد منطقة فنية للاستكشاف ومعرفة الذات.

الجمال، الجنس، الحب، الرياضة، الأزياء، الكمال الجسدي، المرض، الانجرافات الأخلاقية، العادات الاجتماعية، الاستفزاز، بين أمور أخرى هي موضوعات تعالجها اللوحات والمنحوتات عبر أشكال بشر مثاليين بأجسادٍ نسائية ورجولية، تارة عارية بشكل كامل، وتارةً نصف عارية، توضح تطوّر هذا الجنس الفني وانصهاره في الجمالية والذائقة العامة في إسبانيا.

تحضر في المعرض أعمال عدد من الفنانين الإسبان مثل بيكاسو وسورويا ودالي وميرو وأنطونيو ساورا وخوان إيدالغو وخوليو غونزاليس، إضافة إلى فنانات مثل تيريسا كونديميناس وأوريلا نافارو وغيرهم.