حين ينتصر المسرح… ويسقط وهم المقاطعة: دورة الأردن الـ 30 تقول كلمتها
بقلم: الصحفي بكر الزبيدي

ثمة عبارة تتردد في الوسط الفني وكأنها قانون غير مكتوب: “إذا لم أكن معكم فأنا ضدكم”. هذه الجملة تحولت في الآونة الأخيرة إلى منهج تفكير لدى بعض الفنانين والأكاديميين الأردنيين، الذين اختاروا الوقوف خارج إطار مهرجان الأردن المسرحي في دورته الثلاثين، ليس بصمت، بل بتحويل غيابهم إلى منصة هجوم على المهرجان وإدارته، وكأن نجاح المهرجان مرهون بحضورهم.
المفارقة أن كثيرًا من هؤلاء لم يشارك تنظيميًا، ولم يقدّم عرضًا، ولم يكلف نفسه حتى عناء الحضور. ورغم ذلك، أطلقوا أحكامًا جاهزة تغيب عنها المهنية، وتفتقر إلى الروح الأكاديمية والفنية والوطنية التي يتشدقون بها.
نجاح لا تخطئه العين… رغم الأصوات النافرة
قدّم مهرجان الأردن المسرحي في دورته الثلاثين صورة مشرقة للمشهد الفني الأردني. امتلأت القاعات، واختُتمت العروض بأجواء مبهرة، وحضر جمهور متفاعل صنع لوحة فنية متكاملة. وبشهادة الفرق العربية والمحلية، أثبت المهرجان مكانته كمنصة مسرحية عربية راسخة تتجدد عامًا بعد عام.
وشهدت الدورة 10 عروض مسرحية متنوعة منهم أربعة عروض محلية (خلفك منعطف تاريخي، توحش، طريق الذيب، مكسور) و6 عروض عربية من العراق، الكويت، السعودية، سلطنة عُمان، تونس، المغرب. ذلك التنوع قدّم مشهدًا مسرحيًا ناضجًا لا يحتاج إلى تبرير ولا دفاع.

المقاطعة التي كشفت زيف التأثير
ظنّ بعض الفنانين أن مقاطعتهم ستضعف المهرجان، لكن المفارقة أن غيابهم كان أحد أسباب نجاحه. فقد أتاح هذا الغياب مساحة لرؤى جديدة أكثر حداثة، وفتح الباب أمام جيل شغوف لا يحمل ثِقَل النمطيّة التي كبّلت المسرح لسنوات. ابتعد المهرجان هذا العام عن الضجيج المصطنع الذي يصنعه البعض على مواقع التواصل، واقترب من جوهر المسرح الحقيقي: العمل، والخيال، والتجديد. جمهور المسرح يعرف جيدًا التمييز بين حضور فاعل… وغياب لا يترك إلا صدى فارغًا.

جنود مجهولون… وصورة مشرفة أمام العالم
لم يكن النجاح وليد الصدفة. فقد بذلت اللجنة المنظمة ومديرية المسرح في وزارة الثقافة ونقابة الفنانين جهودًا استثنائية، ووقف خلف الكواليس فريق تقني محترف في الإضاءة والصوت والديكور، يعمل ليلًا ونهارًا ليظهر المهرجان بأبهى صورة.
وبقيادة الأمين العام لوزارة الثقافة الدكتور نضال العياصرة، وركيزة المهرجان الفنان عبد الكريم الجراح، والداعم الدائم للمشهد الفني الفنان محمد يوسف العبادي، وسيدة الشاشة الأردنية الفنانة عبير عيسى والمخرج اياد شطناوي والفنان زيد خليل ومقرر اللجنة محمد المومني، وصاحب الخلق الرفيع كرم الزواهرة وبجهود اللجنة المنظمة وأبطال المركز الثقافي الملكي (رمزي جادالله، مكرم الكفاوين، أمجد المراشدة، أحمد الساحوري، إبراهيم السعودي، صدام الجعافرة، محمود المجالي، ماهر جريان، سيف الخلايلة) … اكتمل العمل ليقدّم المهرجان أفضل نسخة له.
