بكر قباني “مات” صاحب الروح المعاصرة والجذور الأصيلة


أن تعمقت في وجه الراحل بكر قباني لوجدت انه مرسوم بالمسرح والدراما، ليس فقط لأنه منذ من نعومة أظافره يعيش حالة المسرح والفن ويحمل خارطة كاملة لهموم الفنان الأردني والذي رغم الظروف الصعبة والضغط النفسي يقدم مسرحًا ودراما، ولكن لأنه يجسد حالة للفنان الذي ولد عاش مات كفنان دون أي تكريم او مكانة تذكر للفنان الأردني، على عكس الفنان العربي والذي تقام له الاحتفالات والمهرجانات وغيرها.
خاص – المنصة 100
يجسد موت القباني حالة من الفنان الذي نسته الحياة بين الامراض وظروف معيشية صعبة، والذي لم يكرم لما قدمه من فن على منذ بدايات الدراما الأردنية مرورًا بحداثتها إلى يومنا هذا.
ويُعدّ قباني واحدًا من أبرز الأسماء في المشهد الفني المعاصر في الأردن، حيث تمزج أعماله بين الأصالة والمعاصرة، وتعكس شغفًا عميقًا بالتراث العربي والفن الإسلامي، مع لمسة حداثية مميزة تجعله متفردًا في أسلوبه.
وُلد قباني في عائلة فنية، حيث كان والده، الخطاط الشهير محمود قباني، مصدر إلهام كبير له. نشأ بكر محاطًا بجمال الحرف العربي وأسرار الخط، مما غرس فيه حب الفن وشجعه على استكشاف دروب الإبداع المختلفة. لم يكتفِ بكر بالدراسة الأكاديمية للفن، بل سعى دائمًا إلى تطوير أسلوبه الخاص، مستلهمًا من بيئته الأردنية الغنية بالتنوع الثقافي والتاريخي.
تتميز أعمال قباني بتنوعها، فهو لا يتقيد بخامة أو أسلوب واحد. يبرع في استخدام الألوان الزيتية والأكريليك، كما أنه شغوف بالرسم على الزجاج والخشب، ويُعرف أيضًا بدمجه للمواد المختلفة في أعماله لخلق نسيج بصري غني. تجده يتنقل ببراعة بين لوحات تجريدية تُجسّد مشاعر وأفكار عميقة، وأخرى تميل إلى التعبيرية، وثالثة تُعيد إحياء الزخارف الإسلامية والخط العربي بأسلوب عصري.

إن ما يميز بكر قباني حقًا هو قدرته على إضفاء طابع شخصي على أعماله. كل لوحة من لوحاته تحمل بصمته الخاصة، وتُحدّث المشاهد بلغتها الفريدة. فهو لا يخشى التجريب والخروج عن المألوف، مما يجعله فنانًا ديناميكيًا ومتجددًا. في أعماله، غالبًا ما نرى تداخلًا بين الخطوط الهندسية الصارمة والمنحنيات العضوية السلسة، مما يُضفي عليها إيقاعًا بصريًا متناغمًا. كما أن استخدامه للون ينم عن فهم عميق لتأثيراته النفسية والجمالية، حيث يختار الألوان بعناية لتعزيز الرسالة التي يريد إيصالها.
شارك قباني في العديد من المعارض الفردية والجماعية داخل الأردن وخارجه، وحصدت أعماله إشادة واسعة من النقاد والجمهور على حد سواء. يُنظر إليه كفنان يمتلك رؤية فريدة، ويُساهم بفعالية في إثراء المشهد الفني الأردني والعربي. هو ليس مجرد رسام، بل هو قصة فنان أردني يحمل إرثًا ثقافيًا عريقًا، ويُعبّر عنه بروح معاصرة، مُقدمًا أعمالًا فنية تُلامس الوجدان وتُثير التأمل.