القمر: جمالٌ غامض وحبٌ مستحيل في لغة الأدب والشعر


في الأدب والشعر عبر العصور، لطالما ارتبط القمر بالعشق والجمال، وكان رمزًا ملهِمًا للأدباء والشعراء في وصف المحبوبات. ولكن ما السر وراء تشبيه العشيقة بالقمر؟.
المنصة 100 – خاص
يرى النقاد أن هذا التشبيه ينبع من الصفات المشتركة بين القمر والعشيقة في المخيال الشعري؛ فالقمر رمزٌ للصفاء والنقاء، تمامًا كما توصف العشيقة بسموِّ روحها وجمالها الأخَّاذ. ويُستَلهَم من نور القمر هالةٌ من الغموض والسحر، تحيط بالعشيقة وتجعلها محورًا للرغبة والافتتان.
من الناحية الثقافية، كان القمر دومًا حاضرًا في الأساطير والحكايات الشعبية كعنصر غامضٍ ورومانسي، يوحي بالهدوء والسكينة في الليالي المقمرة. ويُعزى تشبيه العشيقة بالقمر إلى ذلك الشعور الذي يبعثه القمر في النفس البشرية، حيث يحمله العشاق دليلًا صامتًا على مشاعرهم الخفية. كما ارتبط القمر بالآلهة الأنثوية في بعض الحضارات القديمة، مثل الإلهة “سيلين” عند الإغريق و”لونا” عند الرومان، ما أضفى عليه طابعًا أنثويًا يعزّز من هذا التشبيه.
كما أن تغيّر أطوار القمر يُعطي بُعدًا آخر لهذا التشبيه، فالحب نفسه يمر بمراحل تتقلب بين الاكتمال والنقصان، بين القرب والبعد. ويقول البعض إن لمعان القمر وسط ظلمة الليل يشبه بزوغ العشيقة في حياة العاشق، فتنير قلبه وتبدّد عتمة أيامه. كذلك، فإن التأمل في القمر يولّد حالة من الحنين والشوق، تشابه ما يشعر به العاشق حين يتأمل وجه حبيبته الغائبة.
في الشعر العربي القديم، مثّل القمر مثالًا أعلى للجمال، فكان يُستَخدم لوصف الوجه المشرق والملامح الفاتنة. يقول الشاعر في بيت شهير: “كأنها البدرُ في دُجى الظلماءِ”، ليؤكد أن الجمال المُطلق لا يُجسَّد إلا في القمر وعشيقته. كما أن الأدباء استخدموا هذا التشبيه لتجسيد البُعد والاشتياق، حيث إن القمر رغم بهائه يبقى بعيد المنال، تمامًا كالعشيقة في حالات الحب المستحيل.

وهكذا، يبقى القمر رمزًا خالدًا للعشق والجمال، ويظل تشبيهه بالعشيقة تقليدًا أدبيًا يُعبر عن أعمق المشاعر الإنسانية في لغةٍ شاعريةٍ خالدة، تعبر الأزمنة وتخاطب القلوب بلغتها الصامتة.